استخدام الذكاء الإصطناعي لأغراض إنسانية

تحدي البيانات الجديدة لاستخدام الذكاء الصنعي لفرز الصور الجوية المتعلقةبالكوارث الطبيعية

لقد أحدث التعلم العميق ثورة في الطريقة التي نعالج فيها البيانات الضخمة التي ترسم شكل الحياة الحديثة. ومع ذلك، يميل التكرار اليومي لعناوين الذكاء الصنعي إلى التركيز على التطبيقات التجارية للذكاء الصنعي وكيف يتم إعادة تشكيل الأساليب التي تستخدمها الشركات في أعمالها تجارية. وضمن التطور الهائل، يظهر التحدي الجديد المفتوح للذكاء الصنعي والذي ينظمه البنك الدولي بالتعاون مع وي ريبوتيكس وأوبن ايريال ماب، والذي تظهر فيه الإمكانات الهائلة للتعلم العميق على التطبيقات الإنسانية، وخاصة في الأوقات الحرجة أو الأوقات التي تلي حدوث كارثة طبيعية كبرى.

إحدى مجالات التطبيق الأكثر إثارة من أدوات التعلم العميق الحديثة كانت استخدام الشبكات العصبية لفحص الصور ضمن مستويات دقة وبتفاصيل كان من المستحيل الوصول إليها قبل بضع سنوات. واليوم أصبح بإمكان النظم العصبية فحص مئات الملايين من الصور، فهرستها ضمن عشرات الآلاف من التصنيفات، وتقدير الموقع التي تم التقاطها بها، رصد المشاعر، والبحث في خلفية التلوث والأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية وحتى تقدير مستوى "العنف" الذي تصوره، بينما أصبح إنشاء نماذج جديدة يتم باستخدام التحديد والنقر.

أما فيما يتعلق بتقدير الأضرار والاحتياجات الفورية اللازمة لضمان السلامة في أعقاب كارثة طبيعية، فإن هذه التكنولوجيا لم تستخدم بشكل واسع بعد. لقد تم إطلاق "تحدي الذكاء الصنعي: التصوير الجوي لجزر جنوب المحيط الهادئ" الجديد، وذلك بالتعاون مع وي ريبوتيكس وأوبن ايريال ماب، حيث يهدف للوصول إلى أساليب جديدة من الذكاء الصنعي باستخدام مجتمع البحث العالمي، بهدف معالجة الصور الجوية الخاصة بمنطقة الكوارث في الوقت الحقيقي، من أجل توفير المستجيبين ومعلومات التخطيط والتقييم النقدي التي تقدمها وكالات الإغاثة.

وتم بدء الإعلان عن التحدي الجديد للذكاء الصنعي، "في السنوات العشر الماضية، أثّرت الأعاصير الرئيسية تأثيرًا خطيرًا على مئات الجزر مثل فيجي، تونغا، فانواتو وساموا؛ كما أدت إلى خسارة ملايين الأرواح وأضرار وصلت إلى ملايين الدولارات"، حيث تواجه تلك الجزر مجموعة من التهديدات والتي تشمل "الزلازل، أمواج تسونامي، العواصف، الانفجارات البركانية، الانهيارات الأرضية والجفاف"، في حين يشير البنك الدولي إلى أنه" من بين الـ 15 دولة المعرضة لخطر الكوارث الطبيعية على الصعيد العالمي، هناك أربعة منها تقع في جزر المحيط الهادئ".

ومن الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية إلى الصور الجوية باستخدام الطائرات بدون طيار، فإن القدرة على الحصول على رؤية جوية واضحة للكارثة يعتبر أمرًا بالغ الأهمية من أجل التحديد السريع لمستوى الضرر المدني والضرر في البنى التحتية، حالة الطرق، وإعطاء الأولوية لجهود الإغاثة. أما العقبة الرئيسية هي أن حجم الصور المتاحة تفوق قدرة البشر على تقييمها بالكامل ضمن الوقت المناسب ووفق الاحتياجات المطلوبة.

سيقوم هذا التحدي الجديد للذكاء الصنعي بمعالجة الأمر من خلال التركيز على مجالين أساسيين: تحديد الأشجار والطرق عبر الصور الجوية.

تعتبر الأشجار المنتجة للغذاء مصدرًا أساسيًا للأمن الاقتصادي والأمن الغذائي في جزر جنوب المحيط الهادئ، ويمكن أن يكون للأضرار الكبيرة التي تلحقها الكوارث بها آثارًا طويلة الأجل. ولذلك فإن المهمة الأولى للتحدي تركز على بناء مصنّف للصور بحيث يمكن التقاط صورة جوية والعودة لطبقة الشرح التي تحدد جميع أشجار جوز الهند، الموز، البابايا والمانجو ومواقعها في الصورة بدقة 80٪ على الأقل. أما فيما يتعلق بسيناريو الإنتاج، يمكن للشخص أن يتصوّر القدرة على مقارنة المكان قبل وبعد الصور في الوقت الحقيقي وذلك لوضع عدد دقيق من الأشجار والأنواع الأخرى التي تم فقدانها. ونظرًا للتقدم السريع في استخدام الموارد المنخفضة للشبكات العصبية، يمكن للشخص أن يتصور أنه حتى هذه الخوارزميات تعمل في الوقت الحقيقي، وربما حتى ضمن رحلة على طائرات بدون طيار، حيث تسمح لها بضبط مسارها بشكل مستقل حسب صورة المناطق الأكثر تضررًا وبتفاصيل أكثر.

أما المهمة الثانية فهي تتمحور حول تحديد الطرق من الصور وتحديد فيما إذا كانت مؤلفة من مسار أو مسارين وفيما إذا كانت معبدة أو ترابية. وبإمكان هذه الخوارزميات، التي تم نشرها بالنهاية في المكان المحدد، أن توفر للأشخاص الذين يقومون بالتخطيط للمساعدة بإعداد تقارير عن حالة الطريق في الوقت المناسب، مما يسمح لهم بالتخطيط الفوري لطرق نقل المساعدات وتحديد أولويات جهود إعادة بناء الطرق.

ربما في المستقبل غير البعيد يمكن أن تسمح هذه الأدوات بأن يقوم الذكاء الصنعي بالفرز الذاتي المستقل والذي يتم فيه إطلاق أسطول من الطائرات بدون طيار تلقائيًا بعد حدوث كارثة لتقوم بالتقاط صور للمنطقة بأكملها وتحديد مستويات الضرر وتقديم تقرير للمخططين، وكل ذلك في غضون 30 دقيقة بعد حصول الكوارث وبدون أي تدخل بشري. لقد كتبت عدة مرات بشأن الحاجة إلى تعاون التقنيين مع منظمات الإغاثة بهدف مواجهة التحديات الكبرى في العالم، حيث يمكن لبعض الشراكات الجيدة أن "تحدث فرقًا كبيرًا في العالم". وهكذا فإنه من المثير رؤية هذا التحدي الجديد مع الأمل الذي يمكن أن يقدمه للمستقبل والذي تقوم فيه تحديات البيانات المفتوحة بحل بعض من أصعب التحديات المتعلقة بالتنمية في العالم.

إن كل ذلك مع بعضه، يجعل هذه المبادرة الجديدة مثيرة للغاية، ليس فقط لتركيزها على استخدام التعلم العميق لأغراض إنسانية، ولكن بسبب النموذج الذي يُمثل ضمن تعاون المجموعات ذات الخبرات المختلفة (أي البنك الدولي، وي ريبوتيكس وأوبن ايريال ماب) حول الهدف من استخدام التعلم العميق لتحسين عملية الاستجابة للكوارث، ومجموعات البيانات المتاحة بدون أي تكلفة لتطوير البذور ودعوة مجتمع الذكاء الصنعي للبحث في أمر مثير للاهتمام ويمتلك تأثيرًا كبيرًا على حياة الناس وسبل العيش في العالم الحقيقي.

مقال مترجم عن فوربس